الـتـقـاويـــــــم عـنـد مـخـتــلـف الأمـــــم

فـهـرس المحتويـات
  التقويم المصري 4241 ق.م   التقويم العبري 3760 ق.م   تقويمُ الاسكندر 312 ق.م   التقويم الفارسي
  التقويم الروماني   تقويم نوما Numa Pompilus   التقويم اليولياني الوثني 45 ق.م   التقويم اليولياني المسيحي
  التقويم الجريجوري   التقويمُ العربيُّ الإسلامي   التقاويم المقترحة وتقويم سنة 2001م
     

التقويم المصري 4241 ق.م

 

يعود التقويم المصري القديم إلى سنة 4241 قبل الميلاد ، وكان المصريّون يستخدمون السنة الشمسيّة التي قسَّموها إلى اثني عشر شهراً قيمة كل منها ثلاثون يوماً وفي الشهر الأخير ، وهو شهر مسرى كانوا يضيفون خمسة أيام هي أيام النسيء وكان يسمّونها اللواحق ، وقد قسموا سنتهم إلى ثلاثة فصول متساوية ، واتخذوا الاعتدال الخريفي بداية لها لأنه شهر العمل والزرع وفيضان النيل عند شهر توت ، وكانت أشهرهم هي نفس الأشهر القبطية لأن الأقباط أخذوها عنهم .

ومما يؤخذ على تقويمهم هذا أنهم لم يتخذوا حادثة ثابتة يؤرخون بها كما أنهم أهملوا ربع اليوم الزائد عن السنة الشمسية ولم ينتبهوا له إلا في وقت متأخر .

وعندما دخلت المسيحية إلى مصر في القرن الأول كان للرهبان المصريين دور بارز في الكنيسة ، لكنه في عام 284م حكم روما الإمبراطور دلديانوس الذي أصدر أمراً بتوحيد رعايا الإمبراطورية حول دين وثني واحد ، فاضطهد النصارى الأقباط في مصر ، وقتل منهم مقتلة ، فسمي ذلك العصر بعصر الشهداء ، لذلك قرر الأقباط أن يجعلوا بداية حكم هذا الإمبراطور ، وهي سنة 284م مبدأً لتاريخهم .

على ذلك فالتقويم القبطي شمسي في سنواته ، فرعوني في أسماء شهوره ،مسيحي في بدايته ، وعلى ذلك فنحن اليوم في سنة 1706 قبطية .

والمصريون لا يزالون يستخدمون إلى اليوم هذا التقويم إلى جانب التقويم الميلادي والهجري ، كما يستخدمه الناس في محادثاتهم اليومية لارتباط شهوره بالفصول الأربعة والزراعة ، يستوي في ذلك المسلمون والأقباط .

 

العودة للفهرس


التقويم العبري 3760 ق.م

 

هو مثل عقائد اليهود ، غاية في الغرابة والغموض والتعقيد ، لا يحسنه إلا الآحاد من أحبارهم ، فشهوره قمرية والسنة فيه شمسية تبدأ بشهر تشري والعمل محرم في أول يوم منه ، اتخذه اليهود عيدا .

وهذه هي سنتهم المدنية ، أما السنة الدينية عندهم فتبدأ في شهر نيسان الذي غيروا اسمه إلى أبيب .

وتتراوح أيام السنة العبرية بين 353 و 354 و 355 و 383 و 384 و 385 يوماً ، وفي الحالات الثلاث الأخيرة يضيفون شهراً كاملاً إلى سنتهم بعد شهر آذار يسمونه آذار الثاني .

ومما لا ريب فيه أنهم تأثروا في تحديد بداية سنتهم بالتقويم المصري القديم وبحضارة الرافدين وبلاد الشام .

ويبدأ التاريخ العبري بسنة 3760 قبل الميلاد ، وهي سنة الخلق كما يزعمون ، وعلى هذا فإننا نعيش هذه الأيام ، أي سنة 1990م في سنة 5750 عبرية .

 

العودة للفهرس


تقويمُ الاسكندر 312 ق.م

 

استخدم اليونان تقويمين عُرفا معاً باسم تقويم الاسكندر ، أولهما يبدأ من تاريخ وفاته سنة 323 ق.م . والآخر يبدأ سنة 312 ق.م بانتصار سُلوقس على بابل ، وهذا هو التاريخ المقصود اليوم بتاريخ الاسكندر عند المؤرخين العرب والأجانب حتى أوائل العصر الحديث .

أما لماذا اختير هذا التاريخ فلأن سلوقس هذا كان خليفة الاسكندر ومؤسس الدولة السلوقية ، ومبدأ هذا التقويم يوم الإثنين 11 تشرين الأول/اكتوبر سنة 312 ق.م فهو متقدم على التاريخ الميلادي بـ 311 عاماً و92 يوما .

ومن خلال المعاهدات التي أبرمها العرب مع الصليبيين في أثناء الحروب الصليبية نجد أن هذا التقويم هو الذي كانت تعتمدُه الكنيسة التي لم تكن قد التزمت بعد بالتاريخ الميلادي .

فعندما تقررت الهدنة بين الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي وطائفة الاسبتار كان تاريخ المعاهدة هو يوم السبت 12 المحرَّم سنة 680ﻫ المصادف للثالث من أيار سنة 1592 للاسكندر وهي توافق سنة 1281م ، وكذلك الهدنة الموقعة مع فرنجة عكا بتاريخ 15 ربيع الأول سنة 682ﻫ المصادف لـ 3 حزيران سنة 1594 للاسكندر(1) .

وكان الموارنة في لبنان يؤرخون به أيضاً حتى سنة 1606م عندما تحولوا إلى التقويم الجريجوري(2) ، ويُصادف عامنا هذا ، عام 2302 للاسكندر .

____________________

(1) انظر السلوك للمقريزي 1/974 و987 .

(2) انظر لبنان لإسماعيل حقّي 1/193 .

 

العودة للفهرس


التقويم الفارسي

 

للفرس تقويمان : قديم وجديد ، فأما الأول فقد وضعه يزدجرد آخر ملوكهم ، ويبدأ بيوم الثلاثاء 16 حزيران/يونيو سنة 632م المصادف لـ 22 ربيع الأول سنة 11ﻫ أي في الشهر الذي توفي فيه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم .

والسنة فيه شمسية في كل شهر منها 30 يوماً ، تضاف الأيام الخمسة المتبقية في نهاية الشهر الثامن ، وأول شهورهم هو شهر أفرودين ماه .

وأما أوَّل يوم من سنتهم فيسمى النَّوروز أي اليوم الجديد ، وقد أصبح عيداً قومياً في إيران على غرار شم النسيم في مصر .

ولتدارك الفرق في ربع اليوم كانوا يضيفون في كل 120 سنةً شهراً واحداً على السنة يسمونه شهرزاد .

أما التقويم الجديد فهو التقويم الجلالي أو السلطاني ، وقد وضعه الشاعر عمر الخيام في أيام السلطان جلال الدين سلطان خراسان ، وقد اشترك مع الخيام في وضعه سبعة من كبار العلماء وتمّ ذلك في التاسع من شهر رمضان سنة 471ﻫ المصادف لـ 15 آذار/مارس 1079م .

والسنة في هذا التقويم اثنا عشر شهراً كالعادة ، في كل شهر منها ثلاثون يوماً ، ثم تضاف خمسة أيام في كل سنة للسنة العادية وستة أيام للسنة الكبيسة ، وطول هذه السنة 365 يوماً و5 ساعات و49 دقيقة و5,45 ثانية ، وهي تربو على السنة الشمسية النجمية بمقدار 19,45 ثانية فقط ، في الوقت الذي يزيد فيه التقويم الجريجوري بمقدار 26 ثانية كما سنرى .

 

العودة للفهرس


التقويم الروماني

 

اقتبس الرومان شهورهم من جيرانهم الألبان ، وهي عشرة شهور فقط عدتها 304 أيام .

وقد سمى الرومان الشهور الأربعة الأولى باسم بعض آلهتهم كما ذكرنا ، وأبقوا الشهور الستة الأخرى لا يميزها عن بعضها إلا أرقامها ، وكان شهر مارس هو أول شهور السنة عندهم ، وها هي أسماء شهورهم وعدد أيام كل منها .

1- مارس 31 يوما .

2- أبريل 30 يوما .

3- مايو 30 يوما .

4- يونيو 30 يوما .

5- كونتيلس ( يعني الخامس ) 31 يوما .

6- سكستيلس ( يعني السادس ) 30 يوما .

7- سبتمبر ( يعني السابع ) 30 يوما .

8- أكتوبر ( يعني الثامن ) 31 يوما .

9- نوفمبر ( يعني التاسع ) 30 يوما .

10- ديسمبر ( يعني العاشر ) 31 يوما .

وكما أسلفنا فقد اتخذ الرومان بناء روما سنة 753 ق.م بداية لتاريخهم واستمر الأمر كذلك طوال عصور كثيرة .

وقد أدخلت على هذا التقويم تعديلات متوالية ، حتى استقر في صورته الحالية المعبر عنها بالتقويم الجريجوري ، وهذه أشهر التعديلات التي سنطلق عليها اسم التقويم

 

العودة للفهرس


تقويم نوما Numa Pompilus

 

ثاني أباطرة الرومان حكم بين سنة 715 و 672 ق.م ، وتمثلت تعديلاته فيما يلي :

 1ً- أضاف شهراً قبل مارس سمَّاه يناير .

 2ً- أضاف شهراً بعد ديسمبر سماه فبراير .

 3ً- جعل عدد أيام الشهور 30 و29 على التعاقب .

 4ً- أضاف شهراً طوله 22 يوماً أو 23 يوماً مرةً كل سنتين .

 5ً- وفي سنة 452 ق.م جعل أحد الأباطرة شهر فبراير بين يناير ومارس . وهو مكانه الحالي .

ولكن الكهنة تلاعبوا بهذا التقويم مما اضطر يوليوس قيصر إلى إدخال تعديله الجديد في التقويم اليولياني .

 

العودة للفهرس


التقويم اليولياني الوثني 45 ق.م

 

في سنة 46 ق.م ، سنة 708 رومانية ، استدعى الإمبراطور يوليوس قيصر أحد كبار الفلكيين المصريين المدعو « سوسيجنيو Sosigenes » ، وعهد إليه وضع نظام ثابت للتقويم الروماني لإنقاذه مما أصابه من الخلل على كرّ السنين .

وقد أجرى الفلكيّ المذكور التعديلات التالية :

 1ًَ- جعل السنة الشمسية هي أساس التقويم الروماني .

 2ً- جعل السنة الكبيسة تساوي 366 يوماً والعادية 365 يوما .

 3ً- جعل سنة 718 رومانية تساوي 445 يوما .

 4ً- جعل مبدأ التاريخ الروماني أول يناير سنة 709 روماني .

 5ً- جعل الشهور فردية العدد مثل يناير ومارس وأبريل واحداً وثلاثين يوماً والزوجية ثلاثين .

 6ً- جعل شهر فبراير 29 يوماً في السنة العادية و30 في السنة الكبيسة .

 7ً- وفي سنة 44 ق.م أطلق اسم يوليوس قيصر على الشهر السابع فصار اسمه « يوليو » .

 8ً- وفي سنة 31 ق.م أطلق اسم أغسطس أوكتافيوس على الشهر الثامن ، وزيد في أيامه يوم أُخذ من فبراير المسكين .

 9ً- عُدّلت أيام الشهور بعد ذلك فأصبح كل من سبتمبر ونوفمبر – وهي أشهر فردية – يساوي 30 يوماً بعدما كان 31 يوماً ، فاستقرت الأمور على ما هي عليه اليوم على ما فيها من عِوج ظاهر .

فشهر سبتمبر يعني السابع بينما هو في الترتيب التاسع ، والأمر نفسه عن أكتوبر ونوفمبر وديسمبر فهي حسب معناها تعني الثامن والتاسع والعاشر ، بينما هي في الواقع تدل على العاشر والحادي عشر والثاني عشر ، كما أن عدم انتظام أيام الأشهر في هذا التقويم ، جعلت عدداً كبيراً من الناس حتى اليوم يخطئون أحياناً في عدد أيام بعض هذه الشهور ، وهذا ما دفع بعضهم في عصرنا الحالي إلى اختراع تقويم جديد وهو تقويم سنة 2001م ، كما سنرى .

 

العودة للفهرس


التقويم اليولياني المسيحي

 

لم يكن هذا التقويم قط تـقـويـمـاً مسيحياً منذ نشأة المسيحية ، وإنما عمل به في القرن الخامس عشر الميلادي ، وانتشر بعد ذلك في العالم مع انتشار السَّيطرة الاستعمارية العسكرية والثقافية .

وكان الراهب « أكسيجوس : D. Exigus » المتوفى سنة 550م ؛ قد توصَّل إلى أن المسيح عليه السلام ولد في 25 ديسمبر/كانون الأول سنة 754 رومانية ، وقد جعل أول يناير من تلك السنة يساوي أول يناير من السنة الأولى للميلاد ، أي بداية التقويم الميلادي ، وقد اعتمد في ذلك على رواية نُسبت إلى « كليمنت الإسكندري » مفادها أن المسيح ولد في 25 ديسمبر من السنة الثامنة والعشرين لحكم القيصر أغسطس أوكتانيوس الذي يصادف سنة 727 رومانية وهذا يساوي سنة 754 رومانية .

وقد جعل أكسيجوس بداية السنة الميلادية بيوم البشارة في 25 آذار/مارس ، وجرى الناس على ذلك سنين طويلة ، حتى وقع الاختيار على الأسبوع الذي يلي تاريخ الميلاد ليكون بدايةً للسنة الجديدة ، وهو ما استقر عليه الأمر إلى اليوم .

وقد وقع كل من كليمنت وأكسيجوس في أخطاء تاريخية في هذا التقويم ذلك أن السنة التي تعدّ بداية لحكم أغسطس إنما هي سنة 723 رومانية يوم انتصاره في معركة أكتيوم البحرية ، لا سنة 727 رومانية كما ذهب كليمنت ، أي أن المسيح عليه السلام ولد في العام 751 رومانية وليس في العام 754 .

وكما أُبقي على الخطأ في أسـماء الأشهر الغربية في هذا التقويم ولعدم انتباه أحد إليه عبر القرون .

وقد ثبَّتت الكنيسة هذا التقويم سنة 1531م . وهو ما يُعرف اليوم بالتقويم الشرقي ، ثم انتشر ببطء في المشرق العربي وشرقي أوروبا ، وقد طرأ بعد ذلك تعديلٌ أخير على التقويم الميلادي وهو ما يُعرف بالجريجوري أو الغربي .

 

العودة للفهرس


التقويم الجريجوري

 

من الأخطاء التي وقعت في التقويم اليولياني أن السنة فيه تعادل 365 يوماً وربع اليوم ، بينما هي في الواقع تنقص عن ذلك بمقدار 11 دقيقة و14 ثانية ، ومع توالي السنين أخذ الفرق يزداد .

فقد لوحظ أنه في سنة 325م ، عند انعقاد مجمع نيقية ، أن اليوم كان يوم الاعتدال الربيعي وفق التقويم اليولياني ، وفي سنة 1582م لاحظ البابا جريجوري الثالث عشر أن الاعتدال الربيعي في ذلك العام بحسب التقويم اليولياني قد وقع يوم 11 آذار/مارس وليس يوم 21 ، فاستدعى الراهب كلافيوس وطلب منه إصلاح التقويم ، فقام بعملين في آن واحد :

1- حسبَ الفرق بين السنة اليوليانية والسنة الشمسية فبلغ ثلاثة أيام كل 400 سنة .

2- قرر استقطاع عشرة أيام من سنة 1582م ، فجعل يوم الجمعة الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر يساوي يوم الجمعة الخامس عشر من الشهر المذكور ، وبذلك ظهر التقويم الجريجوري الذي أخذت به الدول على فترات امتدت عدة قرون ، ما عدا فرنسا التي طبقته فور صدوره نظراً لطبيعة علاقتها بالبابا ، ثم أخذت به إنكلترا سنة 1752م واليابان سنة 1872م ومصر 1875م والصين سنة 1912م واليونان سنة 1913م وطبق في سورية ولبنان والأردن والعراق مع الانتداب الإنكليزي والفرنسي لهما ، وطبقه الاتحاد السوفيتي سنة 1923م ، وتركية سنة 1926م التي أحلَّته محل التقويم العربي .

ولا تزال بعض الطوائف الشرقية تحسب أعيادها وفق التقويم اليولياني – الشرقي - لاعتبارات دينية وسياسية .

وفي ختام حديثنا عن التقويم الميلادي هذا ، نشير إلى أن الأرمن يعدُّون يوم 9 تموز/يوليو سنة 553م هو بداية لتاريخهم ، بسبب عقد مجمع « تيبتين » في تلك السنة ، وهو المجمع الذي حرَّم أحكام مجمع خلقدونية ، وفضَّل الكنيسة الأرمنية على الكنيسة اليونانية(1) .

_______________________

(1) دائرة المعارف للبستاني 6/14 .

 

العودة للفهرس


التقويمُ العربيُّ الإسلامي

 

قدَّمنا أن العرب كانوا يستخدمون السنة القمرية ، والسنة الشمسية القمرية وأنهم كانوا يمارسون النسيء والكبس والازدلاف ، كما قلنا إنهم اتخذوا عدة حوادث بداية لتاريخهم ، منها بناء الكعبة المشرفة في حدود سنة 1871 ق.م ، وسيل العرم في حدود سنة 120 ق.م ، وعام الفيل سنة 571م وغير ذلك .

أما التاريخ الذي اعتمد فيه هذا التقويم العربي فهو يعود إلى نحو سنة 412 للميلاد ، وإن الأشهر الحالية قد اتخذت أسماءها المعروفة بها اليوم ، في تلك الفترة .

وما التقويم الهجري في حقيقة الأمر إلا امتداد للتقويم العربي في الجاهلية بعد الاتفاق على بداية هذا التاريخ ، وإلغاء جميع أشكال النسيء والازدلاف والكبس .

وعندما كان الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم يُبلّغ رسالته ، كان المسلمون يؤرخون سنة بسنة ، فقالوا للسنة الأولى للهجرة سنة الإذن والثانية سنة القتال وهكذا حتى توفي الرسول الكريم ليلة الإثنين 13 ربيع الأول - 8 حزيران/يونيو سنة 632م .

ولم يتخذ المسلمون بداية لتاريخهم في عهد أبي بكر بسبب قصر المدة ، والانشغال بحروب الردة ، فلما كانت السنة السابعة عشرة من هجرة الرسول الكريم ، رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يتخذ للمسلمين حدثاً يكون لهم عيداً به يبدأون تاريخهم ، فجمع المسلمين وشاورهم ، فمالوا إلى اتخاذ ميلاد الرسول الكريم بدايةً لتاريخهم ، وما منعهم من الاجتماع على هذا الرأي إلا اختلافهم حول يوم الولادة بين 8 و 21(1) من ربيع الأول من سنة 571 للميلاد ، فعدلوا عنه واتخذوا الهجرة بداية لتاريخهم لأنهم عاصروها جميعاً وعاشوا مراحلها ساعةً بساعة . فأقرَّهم عمر على ذلك وهكذا بدأ التاريخ الهجري بيوم الأربعاء 20 جمادى الآخرة سنة 17ﻫ .

هذا من الناحية التاريخية ، أما من ناحية التقويم والحساب فقد اتُفق على أن يكون أوَّل المحرم سنة 1 للهجرة هو يوم الجمعة 16 تموز/يوليو سنة 622م وهو يُصادف سنة 4382 عبري وسنة 933 للاسكندر وسنة 1375 روماني وسنة 338 قبطية .

وقد انتشر التقويم الهجري في العالم مع انتشار الحضارة العربية الإسلامية .

ويمتاز هذا التقويم بأن أشهر الصيام والحج فيه تأتي على مدار العام وفي الفصول الأربعة ، فيحج الناس أو يصومون في الصيف والخريف والشتاء والربيع ، ولذلك ألغى الإسلام النسيء وحرَّمه كما حرَّم الازدلاف والكبس لأنه يؤدي إلى تغيير أوقات العبادات .

- كيفية ثبوت أول الشهر :

قد تتوالى في هذا التقويم أربعة أشهر تامة وثلاثة ناقصة ولا يتوالى أكثر من ذلك ، فكيف نحسب أول الشهر ؟

في الأشهر العادية يعتمد الناس في تاريخهم على المفكرات والتقاويم ولا يدققون كثيراً في رؤية الهلال إلا في شهر رمضان وشهر ذي الحجة لارتباط هذين الشهرين بالصيام والحج ، وقد حدث مراراً أن صام سكان مدينة تابعة لهذه الدولة ، في الوقت الذي أفطر فيه سكان المدينة المجاورة لها ، لأنها تتبع دولة أخرى ، الأمر الذي كان يؤدي إلى بلبلةٍ وفوضى لا يرضاها الشرع .

وأصل المشكلة تمسُّكُ الفقهاء بالإثبات عند الرؤية المجردة للهلال عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : « صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ... » ، وعدم التزامهم بالرؤية الفلكية الحسابية للهلال وهي الرؤية التي تمسك بها الفلكيون .

ونعتقد أن هذه المشكلة التي نصادفها كل عام في بلادنا يمكن حلها باجتماع العلماء الفلكيين والفقهاء وأولي الشأن في مرصدٍ عربي كبير ومتابعة تطورات الهلال حتى ظهوره في أول الشهر لأنه يستحيل عقلاً أن يرى أحدهم الهلال بالعين المجرَّدة ، ولا يراه المنظار المكبِّر في المراصد ، في الوقت الذي وصل فيه الإنسان إلى القمر نفسه .

إن جهل الناس اليوم بأمور الكواكب والأهلة وتراخي بعضهم في أمور الدين ، يجعلنا نتوقف طويلاً قبل إلزام الملايين من الناس بالصوم أو الإفطار لمجرّد شهادة شاهدين لا ندري مدى التزامهما بالدين أو مدى قوة الإبصار عندهما ، أو مدى معرفتهما بالشروط الواجب توفرها في هذا الموضوع .

وسنقدم فيما يلي بفكرة موجزةً عن القواعد الفلكية المتبعة في تحديد ظهور الهلال .

يعتمد الفلكيون في حساب أول الشهر على اجتماع الشمس بالقمر عندما يقع القمر بين الشمس والأرض ، ولا بد من يمكث الهلال ، في حالة رؤيته ، وقتاً بعد الغروب حتى تثبت رؤيته شرعاً ويكون هلال الشهر التالي لا الشهر الحالي .

من ذلك على سبيل المثال وُجد أن الهلال قد وُلد في سماء القاهرة يوم الإثنين في الساعة 6:40 مساءً وغربت الشمس في ذلك اليوم في الساعة 6:51 بينما غرب الهلال في الساعة السابعة أي أنه مكث تسع دقائق بعد غروب الشمس ، فثبت قطعياً أن ليلة الثلاثاء هي أول أيام شهر رمضان المبارك سنة 1370ﻫ المصادف لـ 6 يونيو سنة 1951م .

وبالمقابل ، فقد وُجد أنه في مساء يوم السبت من السنة المذكورة سنة 1370ﻫ :

- وُلِدَ الهلال في الساعة 2 و49 دقيقة عصرا .

- وغربت الشمس في الساعة 6 و20 دقيقة .

- وغرب الهلال في الساعة 6 و19 دقيقة .

فثبت عندها أن أول أيام ذي الحجة هو يوم الإثنين وليس الأحد ، لأن الهلال المذكور هو هلال ذي القعدة ، وبالتالي فقد غرب هذا الهلال مساء يوم الأحد في الساعة 6 والدقيقة 47 أي بعد الغروب بسبع وعشرين دقيقة ، فكان الإثنين أول أيام ذي الحجة ، ولا ريب أن المشاهد العادي لا يستطيع أن يميز إن كان الهلال قد غرُبَ قبل الشمس بدقيقة ، أو غربت الشمس بعد غروبه بدقيقة .

________________________

(1) انظر البداية والنهاية لابن كثير 2/952 تجد فيه تفصيلاً وافياً عن تاريخ المولد النبوي وما قيل فيه .

 

العودة للفهرس


التقاويم المقترحة وتقويم سنة 2001م

 

وقبل أن نختم حديثنا عن التقويم نُشير إلى ما يعرف بالتقويم الشمسي– القمري ، والتاريخ الشعري .

فقد اقترح الشيخ حسن وفقي الخيمي (1) تقويماً جديداً سـماه التقويم الهجري – الشمسي يتلخص باعتبار يوم 21 أيلول/سبتمبر سنة 622م المصادف لـ 9 ربيع الأول – وهو اليوم التالي لوصول الرسول الكريم إلى قباء – بداية لتقويمه الجديد وذلك لأنه يحقق فوائد جمّة منها :

- أنه يبدأ مع انتقال الشمس إلى الميزان وبداية فصل الخريف .

- أنه يبدأ مع بداية الهجرة لا قبلها بأكثر أن شهرين .

- أنه يبدأ مع بداية بناء أول مسجد في الإسلام : مسجد قباء .

وقد اقترح أسماء جديدة لتقويمه منها « الخرفيّ » للشهر الأول والوسمّي للثاني وبرك للثالث وهكذا .

كما اقترح بعضُهم(2) إلغاء التقويم الميلادي بشكله الحالي عند نهاية القرن العشرين وتطبيق تقوم جديد يدعى تقويم سنة 2001 بدءاً من أول يوم من سنة 2001 الميلادية .

وشُهور هذا التقويم المقترح ثلاثة عشر ، في كل واحد منها 28 يوماً ما عدا الشهر الثالث الذي يكون 29 يوماً في السنة العادية و30 في الكبيسة .

ولهذا التقويم ميزات حسنة من أهمها توحيد بدايات الشهر وبداية الأسبوع طوال العام . فإذا كانت بداية كانون الثاني/يناير فيه هو يوم الجمعة ، فإن هذا يعني أن بداية جميع شهور السنة هي يوم الجمعة وأن جميع أيام السبت هي يوم الثاني من الشهر وجميع أيام الأحد هي 3 وهكذا تتساوى الشهور في أيامها وفي أجزائها ، في كل عام ، ويتخلص الناس من اختلاف بدايات الشهور على مدى العام .

__________________________

 

(1) انظر : تقويم المنهاج القويم ، حسن وفقي الخيمي /356 .

(2) انظر : التقويم تراث وثورة : نوربا قرتقي ، بيروت .

العودة للفهرس