الــتــوقـيـتُ الـــزَّوَاليّ

بدأ استخدام هذا التوقيت في أوروبـا ، ثم طغى علينا مع سائر الأمور الآتية من الغرب .

واليوم في التوقيت الزوالي يبدأ في الثانية الأولى بعد السَّاعة الرابعة والعشرين ، أو الثانية عشرة ليلاً ساعة منتصف الليل كما يُسمُّونها ، ويمتدُّ على مدى أربع وعشرين سَاعةً ، ولهذا التوقيت مزايا لا تُنكر ، فهو يُوحِّد ساعات بدء العمل في الدولة الواحدة كما يوحّد ساعات النهار والليل كلّها في البلد الواحد .

وله بالمقابل بعض المحاذير ، منها أنه يصلح للتطبيق في الدول الصغرى نسبياً مثل معظم البلاد العربية والأوروبية ، ولكن يتعذَّر تطبيقه في البلدان الواسعة مثل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وأستراليا وغيرها ، ولذلك عمدت تلك الدول إلى اتخاذ توقيت خاص لكل منطقة من مناطقها بحسب موقع تلك المنطقة .

ومن مساوئ التوقيت الزوالي الأخرى أنه لا يراعي التوازن بين أيام السنة المختلفة ، وعلى سبيل المثال فإنه إذا كان على الموظفين أن يلتحقوا بأعمالهم في الساعة الثامنة صباحاً ، فهذا يعني أن عليهم مغادرة دُورهم في السابعة أو السابعة والنصف أي بعد نصف ساعة من شروق الشمس في الشتاء ، وفي ذلك حرج كبير يشعر به الناس جميعاً ، في حين أن السابعة والنصف في الصيف تعني ساعتين ونصف الساعة بعد شروق الشمس من أجل ذلك بدأ في أوروبا تطبيق ما يعرف بالتوقيت الصيفي الذي تقدم فيه الساعة ساعة واحدة ، وكما هي العادة ، فقد جرى تطبيقُ هذا التوقيت على بلادنا فكان ضرره أكثر من نفعه .

ذلك لأن الوقت الطبيعي ، في جميع الفصول ، لعودة الناس إلى دورهم في بلادنا هو بعد العشاء أي في حوالي الساعة العاشرة مساءً حسب التوقيت الصيفي وبذلك نكون قد زِدْنا الليل قِصَراً ، وكان الأولى إبقاء التوقيت على حاله وتقديم ساعات بدء العمل أو ساعات انتهائه ، فنعيد إلى الليل طوله الحقيقي ونتخلص في الوقت نفسه من الفوضى التي تنجم عن عدم التزام جميع الدول المتجاورة ذات التوقيت الواحد بخطةٍ موحَّدة تجاه التوقيت الصيفي ، فتقدم هذه الدولة ساعتها في آذار ، وتقدمها الأخرى في نيسان ، وترى الثالثة أن من الأفضل لها عدم تطبيقه أصلا .

وثَّمة ملحوظة لا بد من الإشارة إليها وهي الالتباس الذي قد ينجم عن اختلاف بداية اليوم في التوقيت الغروبي والتوقيت الزوالي .

فاليوم في التقويم الهجري الذي يلتزم بالتوقيت الغروبي ، يبدأ كما قدمنا مع غروب الشمس ، بينما يبدأ اليوم في التقويم الميلادي الذي يلتزم بالتوقيت الزوالي بعد منتصف الليل ، وعلى سبيل المثال فإن يوم 13 رمضان سنة 1410ﻫ يبدأ في الساعة الثامنة عشرة والنصف من مساء يوم الإثنين 7 مايو/أيار سنة 1990م ويمتد حتى السادسة والنصف من مساء اليوم التالي الثلاثاء 8 مايو/أيار ، أي أن في كلّ يوم ميلادي يومين هجريين ، وبالعكس فإن كل يومٍ هجري يومين ميلاديين ، ولذلك فإنه في التواريخ الهامة مثل وفيات المشاهير لا بد من تحديد الساعة لمعرفة التاريخ الدقيق ولا سيّما في آخر يومٍ من السنة .