البعد الرابع : " عصام العطار/ العلم والمعرفة المستدامة "

بقلم احمد ملحم

من ضمن حلقات مراجعات على قناة الحوار التلفزيونية تابعت حلقتين فقط من برنامج طويل مع الاستاذ عصام العطار ... المشاهد ، اذا ما عرف المتحدث، يختلف عن غيره في معرفة ابعاد الحديث ومضامينه، فما بالك والاستاذ عصام كان المربي والوالد والصديق والأخ والجار ... فعندما اورد ما أورد من مواقف وأحداث كنت أفهمه من من خلال صورة أوسع وأعمق وأشمل من خلال ما أعرفه عنه ومنه عن حياته المليئة بالاحداث والوقائع العربية والإسلامية والعالمية، والتي كان للاستاذ عصام دور بارز فيها في فترة من فترات التاريخ المعاصر الهام.

مما على امتنا أن تعتز به، وجود هذا النوع من الفرسان من ابنائها من امثال الاستاذ عصام العطار، هذا النوع الجامع من القيادات العامة، التي جمعت في شخص واحد العديد من العلوم والمعارف والأخلاق والإنسانية الرفيعة الشفافة الراقية والتواضع الذي ما بعده تواضع والحب للقريب والبعيد، الصديق والعدو، الموافق والمخالف ، والاستمرار في بذل أقصى الجهد المتواصل في اكتساب العلوم والمعارف ورفع القدرات الذاتية على كل صعيد، والشعور أن يسبق شرعية عطاء القليل من المعرفة اكتساب الكثير الكثير منها أولاً، لدرجة انه لايتحدث بكلمة الا بعد أن يقرأ الالاف من نفس الموضوع ... وهكذا دواليك على كل صعيد، مما يجعل العلم والمعرفة دائرته الأساسية التي ينطلق منها في كل شأن من شؤونه الخاصة والعامة.

فقد جمع الاستاذ عصام إضافة الى العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية وأدابها نثراً وشعراً وفناً، معارف أخرى فهو واسع المعرفة بالاداب العالمية الفرنسية والانجليزية والالمانية واليابانية ... الخ

ففي اللغة والادب الالماني بذل جهداً كبيرا، ليس في سن الشباب أو الكهولة وإنما بعد ذلك، رغم المشاغل وما سواها من مصاعب الحياة وما أكثرها عليه، حتى أضحى يخطب بالالمانية مستشهداً بكبار الكتاب والساسة الالمان، بروح وشفافية وصدق تأسر كل من يسمع له من الالمان، سائلاً كل منهما الآخر، بعد مغادرته، عن عمق الأسر الذي وقع به بين يدي هذا الرجل.

الحديث عن الاستاذ عصام في الجانب الإنساني يطول ويطول ... والذي ليس لبعيدٍ عنه أن يقدره ويفهمه كما يحسه ويخبره ويتفيأ ظلاله القريب منه، فصورته السياسية والحركية في الاذهان هي الأغلب ، لكنها ليست الأهم والأقوى، فإنسانيته الجليلة وعمق علومه المختلفة التي تحيط محدثه بساحات واسعة من المعرفة والثقافة، التي اذا ما أضيف لها ما ملكه من تجربة وعلاقات سابقة ولاحقة واسعة بالعديد من رموز الساحات المختلفة الفكرية والثقافية والعلمية والإنسانية والسياسية في العالمين العربي والاسلامي، فإن ذلك هو الذي لا يجعلك تغادر إلا وأنت تشعر بجلال الجلوس الى الاستاذ عصام.

الزعامة المميزة كانت خير عبارةٍ صور من خلالها الاستاذ حسن التل رحمه الله الاستاذ عصام العطار، فهو زعيم مميز على صعيد العلم والمعرفة والثقافة، ومميز على صعيد المواقف الثابتة رسوخ الجبال في الارض، مميز على صعيد الجهد المتواصل في السعي للامساك بزمام العلم والمعرفة ، مميز على صعيد الاستقلال والتميز... فيصعب أن يكون قد عُرض على أحد ما عُرض على الاستاذ عصام من مغريات لم تحرك له ساكناً ولم يرفّ لها جفنه كما لم تجد منه الا الثبات على الاستقلال والتميز على كل صعيد فشق طريقه الصعب على مدى السنين والايام دون ادنى درجات التأثر حتى في احلك الظروف وأقساها.

';} ?>