الصــــــــــــــــــــــــــلاة
|
||||||||||||
إن من عظيم نعمته تعالى وهو الواحد الأحد الصمد أن يجود بعليائه على ذلك العبد الفقير فيبسط يده إليه ويأذن له بذكره وشكره وحسن عبادته وسؤاله ، مجرد الإذن كما قال تعالى (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسـمه )) فإن مجرد إذنه لنا بأن نذكره وندعوه هو نعمة عظمى .. فكيف وقد أمرنا بذلك وأوجبه علينا ، وجعل لنا عليه الأجر العظيم . إنه سبحانه يفتح أبوابه لعباده دون أن يجعل بينه وبينهم وسيطاً (( وقال ربكم إدعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) . والدعاء ضربان : الأول : دعاء عبادة : كالصلاة والقرآن والذكر والتسبيح ، فهذا دعاء عبادة له تعالى . والثاني :- دعاء مسألة ، أي أن تسأل الله تعالى وترجوه فيما تريد وتحب من خيري الدنيا والآخرة ، وذكره تعالى هو في حقيقته دعاء لإنك إن أثنيت عليه تعالى بأسمائه وصفاته فأنت تتعرض له بالسؤال ، فإذا قلت اللهم لامانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولاينفع ذا الجد منك الجد فكأنك تقول اللهم لامانع لما أعطيت فأعطني ولا معطي لما منعت فلا تمنع عني فضلك ولاتحرمني بذنوبي ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد فأغنني بفضلك عن سواك . أأذكر حاجتي أم قد كفاني حباؤك إن شيمتك الحباء إذا أثنى عليك العبد يومًا كفاه من تعرضه الثناء إنه تبارك وتعالى ينزل في ثلث الليل الآخر فيقول لعباده : هل من سائل ؟ هل من داعي ؟ هل من مستغفر؟ هل من تائب ؟ لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب (( ياابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ماكان منك ولا أبالي ، ياابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ياابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )) حديث قدسي هذه الصلاة شأنها عظيم .. ولماذا أتكلم أنا ويتكلم غيري وقد تكلم الرب جلا وعلا ؟! ولماذا يتحدث الإنسان وقد تحدث سيد ولد آدم محمد صلّى الله عليه وسلم،فبيّن ما في هذه الصلاة من الأسرار والمعاني الكبار . فالصلاة عهد .. قال الله تعالى :- (( ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً .لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً )) .و قال صلّى الله عليه وسلم كما في السنن : - (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) فمن حُرم الصلاة فقد حُرم الشفاعة يوم الحساب . والصلاة عبادة تصل العبد بربه تعالى ، فتجعل هذا الضعيف الحقير الفاني المخلوق من تراب الأرض! تجعله عظيماً لأنه موصول بالله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )) . والصلاة توبة . قال الله تعالى:- (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) وقال في الآية الأخرى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )). والصلاة ذكرُُ لله تعالى ، قال الله عزّ وجل (( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري )) يعني لتذكرني بها . والصلاة طمأنينةٌ للقلب وسكينةٌ للنفس وهناء للروح ، قال الله تعالى:- (( وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم)) . والصلاة شكرُُ (( ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً )) .. بماذا كان عبداً شكوراً ؟! .. بكثرة الصلاة .. ولهذا لما قالت عائشة كما في الصحيحين لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وقد أطال القيام حتى تفطرت قدماه : تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال يا عائشة أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً )) والصلاة عونُُ للعبد على ما يعانيه ويواجهه من المشكلات في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال الله تعالى :- (( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا الخاشعين)) فالذين يواجهون مشاكل الدنيا وصعوباتها ويتصدون لجلائل الأعمال ، خاصة من أهل العلم ، وأهل الدعوة ، وأهل الجهاد الذين يلقون التعب في هذه الدنيا ، ويواجهون من المشاكل الصغيرة والكبيرة ، ويحط الناس بهم كل قضاياهم وكل مشكلاتهم ، لابد أن يستعينوا على ذلك بالصلاة وإلا عجزوا وانقطعوا . وكان شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يصلي الفجر ثم يجلس في مصلاه يذكر الله حتى يتعالى النهار ويرتفع ثم يصلي ركعتين ثم يقول : - (( هذه غدوتي ، لو لم أتغدها لم تحملني قدماي )). والصلاة مناجاة لله سبحانه وتعلى ووقوفُُ بين يديه ولهذا قال النبي صلّىالله عليه وسلم كما في الصحيح (( إذا قام العبد في الصلاة فإنه يناجي ربه )) . والصلاة قربى وزلفى إلى الله تعالى فإن العبد بعيد عن الله إن غفل عن ذكره ، فكلما ذكر الله تعالى وصلّى اقترب من الله سبحانه ، ولهذا قال تعالى (( أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلّى )) ثم قال في آخر السورة (( كلا لاتطعه واسجد واقترب )) اقترب إلى الله تعالى بالسجود له. وفي الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : -(( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) والصلاة كفارة ، قال الله تعالى : (( وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )) فإذا جاءت الصلاة كفَر العبد بها عن ذنوبه وخطاياه وقد ذكر النبي صلّى الله عليه وسلم أن العبد يغفر له ما بين الصلاتين ما لم يؤتي كبيرة ، وذلك الدهر كله . ولما جاءه الرجل يشتكي ذنباً. قال له النبي صلّى الله عليه وسلم (( أشهدت معنا الصلاة قال: نعم . قال : اذهب فقد غُفر لك )) . وقد شبه النبي صلّى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح – الصلاة ب(( نهرغمر جارٍ بباب أحدكم يغتسل منه العبد كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شىء . قالوا :لا يارسول الله .قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا والذنوب )). والصلاة عصمة من الشيطان . ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلم (( إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب )) و الصلاة نور كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم :- (( والصلاة نور )) . فإذا أقبل العبد على صلاته ينبغي أن يفرغ قلبه من جميع الشئون والهموم ، ويقبل عليها بقلب حاضر ولسان ذاكر . وهي ناهية عن الفحشاء والمنكر (( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) .. بل هي أفضل الأعمال كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم ، وقد سئل كما في الصحيح :- (( أي الأعمال أفضل ؟ فقال : (( الصلاة لوقتها )) .. وهي شعار الإخاء والحب و المودة بين المصلين والمترددين على المساجد وقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال عن المملوك (( مملوكك كافيك ، فإذا صلّى فهو أخوك ، فإذا صلّى فهو أخوك )) يعني العبد الذي تستخدمه إذا أدى الصلاة فهو أخوك ، فعليك أن تحسن معاملته وتبتعد عن إيذائه بالقول أو بالفعل . بل هي وصية الله سبحانه وتعالى لأفضل خلقه للرسل عليهم الصلاة والسلام : -(( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا )) . بالتالي فإن الرسل نقلوا هذه الوصية إلى من وراءهم من أهليهم وأقوامهم وأتباعهم . قال الله تعالى ..(( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة )) وقال للنبي صلّى الله عليه وسلم : ((وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى )) وكان يقول في مرض موته الذي قبض فيه صلّى الله عليه وسلم : (( الصلاة وما ملكت أيمانكم)). ولهذا يجب أن نعلم : كيف صلّى الأنبياء . الوضوء: شروط الوضوء، وهي عشرة: الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية، واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم طهارته، وانقطاع موجب الوضوء، واستنجاء أو استجمار قبله، وطهورية ماء وإباحته، وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة، ودخول وقت الصلاة في حق من حدثه دائم. فروض الوضوء ، وهي ستة: غسل الوجه ومنه المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان، وغسل الرجلين مع الكعبين، والترتيب، والموالاة. ويستحب تكرار غسل الوجه، واليدين، والرجلين ثلاث مرات، وهكذا المضمضة، والاستنشاق، والفَرْض من ذلك مرة واحدة، أما مسح الرأس فلا يستحب تكراره كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة. نواقض الوضوء ، وهي ستة: الخارج من السبيلين، والخارج الفاحش النجس من الجسد، وزوال العقل بنوم أو غيره، ومس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً من غير حائل، وأكل لحم الإبل، والردة عن الإسلام، أعاذنا الله والمسلمين من ذلك. تنبيـهات هـامة:
الصلاة : شروط الصلاة ، وهي تسعة: الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، وإزالة النجاسة، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية. أركان الصلاة ، وهي أربعة عشر: القيام مع القدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والاعتدال بعد الركوع، والسجود على الأعضاء السبعة، والرفع منه، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينة في جميع الأفعال، والترتيب بين الأركان، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم، والتسليمتان. واجبات الصلاة ، وهي ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وقول: (سمع الله لمن حمده) للإمام والمنفرد، وقول: (ربنا ولك الحمد) للكل، وقول: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، وقول: (سبحان ربي الأعلى) في السجود، وقول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، والتشهد الأول، والجلوس له. بيان التشهد ، وهو أن يقول: (التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله). ثم يصلي على النبي صلّى الله عليه وسلم ويبارك عليه، فيقول: (اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد). ثم يستعيذ بالله في التشهد الأخير من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ثم يَتَخَيَّر من الدعاء ما شاء، ولا سيما المأثور من ذلك، ومنه: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم). أما في التشهد الأول فيقوم بعد الشهادتين إلى الثالثة في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وإن صلّى على النبي صلّى الله عليه وسلم فهو أفضل، لعموم الأحاديث في ذلك، ثم يقوم إلى الثالثة. سنن الصلاة ، ومنها: 1. الاستفتاح. 2. جعل كف اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر حين القيام، قبل الركوع وبعده. 3. رفع اليدين مضمومتي الأصابع ممدودة حذو المنكبين أو الأذنين عند التكبير الأول، وعند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة. 4. ما زاد عن واحدة في تسبيح الركوع والسجود. 5. ما زاد على قول: (ربنا ولك الحمد) بعد القيام من الركوع، وما زاد عن واحدة في الدعاء بالمغفرة بين السجدتين. 6. جعل الرأس حيال الظهر في الركوع. 7. مجافاة العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في السجود. 8. رفع الذراعين عن الأرض حين السجود. 9. جلوس المصلي على رجله اليسرى مفروشة، ونصب اليمنى في التشهد الأول وبين السجدتين. 1.. التورك في التشهد الأخير في الرباعية والثلاثية وهو: الجلوس على مقعدته وجعل رجله اليسرى تحت اليمنى ونصب اليمنى. 11. الإشارة بالسبابة في التشهد الأول والثاني من حين يجلس إلى نهاية التشهد وتحريكها عند الدعاء. 12. الصلاة والتبريك على محمد، وآل محمد، وعلى إبراهيم، وآل إبراهيم في التشهد الأول. 13. الدعاء في التشهد الأخير. 14. الجهر بالقراءة في صلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، والاستسقاء، وفي الركعتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء. 15. الإسرار بالقراءة في الظهر والعصر، وفي الثالثة من المغرب، والأخيرتين من العشاء. 16. قراءة ما زاد عن الفاتحة من القرآن الكريم ، مع مراعاة بقية ما ورد من السنن في الصلاة سوى ما ذكرنا، ومن ذلك: ما زاد على قول المصلي: (ربنا ولك الحمد)، بعد الرفع من الركوع في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد، فإنه سنة، ومن ذلك أيضاً: وضع اليدين على الركبتين مفرجتي الأصابع حين الركوع. مبطلات الصلاة ، وهي ثمانية: 1. الكلام العمد مع الذكر والعلم، أما الناسي والجاهل فلا تبطل صلاته بذلك. 2. الضحك. 3. الأكل. 4. الشرب. 5. انكشاف العورة. 6. الانحراف الكثير عن جهة القبلة. 7. العبث الكثير المتوالي في الصلاة. 8. انتقاض الطهارة.
|