أركــــــان الإيـمـان
أركان الإيـمـان ، وهي ستة: أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى. و لا يتم إيمان أحد إلا إذا آمن بها جميعاً على الوجه الذي دل عليه كتاب الله و سنة رسوله صلّى الله عليه و سلم. و أما من جحد شيئاً منها فقد خرج عن دائرة الإيـمـان. و قد جاء ذكر هذه الأركان في الكتاب و السنة, و نذكر من
ذلك الأمثلة التالية: يتضمن الإيـمـان بالله عزّ وجل توحيده في ربوبيته, و في
ألوهيته, و في أسمائه و صفاته. و فيما يلي تلخيص لكل من أنواع
التوحيد هذه:
3) توحيد الأسماء و الصفات: هو الاعتقاد الجازم بأن الله عز و جل متصف بجميع صفات الكمال, و منزه عن جميع صفات النقص, و أنه متفرد عن جميع الكائنات. و يكون هذا بإثبات ما أثبته الله سبحانه لنفسه أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه و سلم من الأسماء و الصفات الواردة في الكتاب و السنة من غير تحريف ألفاظها أو معانيها, و لا تعطيلها بنفيها أو نفي بعضها عن الله عزّ وجل, و لا تكييفها بتحديد كنهها و إثبات كيفية معينة لها, و لا تشبيهها بصفات المخلوقين. فيجب على المسلم أن لا يقع في التشبيه, أو التحريف و التغيير و التبديل, أو التعطيل, أو التكييف. وهو الاعتقاد الجازم بأن لله ملائكة موجودين مخلوقين من
نور , و أنهم لا يعصون الله ما أمرهم , فلا يصح الإيـمـان
إلاّ بالإيمان بوجود الملائكة و بما ورد في حقهم من صفات و
أعمال في كتاب الله سبحانه وتعالى و في سنة رسوله صلّى الله
عليه و سلم من غير زيادة و لا نقصان و لا تحريف. أخبرنا الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم بعض صفات
الملائكة الخِلقية, و منها: علاقة الملائكة بالله سبحانه وتعالى هي علاقة العبودية الخالصة , و الطاعة و الخضوع المطلق لأوامر الله سبحانه , فقد قال الله سبحانه و تعالى: "لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون" (التحريم, الآية 6). و بهذا فإنه من الشرك بالله أن يُعبدوا أو يستعان بهم أو يعتقد أن لهم من الأمر شيئا. علاقة الملائكة بالكون و الإنسان عبادة الملائكة لله سبحانه و تعالى لا تقتصر على تسبيحهم بحمد الله و تمجيدهم له, و إنما تشمل أيضاً تنفيذ إرادته جل وعلا بتدبير أمور الكون و رعايته بكل ما فيه من مخلوقات, و ما فيه من قوانين, و إنفاذ قدره وفق قضائه في هذه المخلوقات كلها, و تنفيذ إرادته سبحانه في مراقبة و تسجيل كل ما يحدث في الكون من حركات إرادية و غير إرادية. و للملائكة أعمالاً أخرى في حياة الإنسان هدفها هداية البشر و إسعادهم و مساعدتهم على عبادة الله و اجتناب الشر و الفساد و الضلال. فإن الله اختار الملائكة لإنزال الوحي على الرسل, و الملك المختار هو جبريل, و ذلك لهداية الناس. و الملائكة يلازمون الإنسان في حياته كلها لإسعاده و هدايته و حثه على الحق و الخير. و قد أخبرنا الله سبحانه و تعالى أنه سخر الملائكة للدعاء
للمؤمنين و الاستغفار لهم, في قوله تعالى: "الذين يحملون العرش
و من حوله يسبحون بحمد ربهم و يؤمنون به و يستغفرون للذين
آمنوا, ربنا وسعت كل شيء رحمة و علما, فاغفر للذين تابوا واتبعوا
سبيلك, و قهم عذاب الجحيم, ربنا و أدخلهم جنات عدن التي وعدتهم
و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذرياتهم, إنك أنت العزيز الحكيم,
و قهم السيئات, و من تق السيئات يومئذ فقد رحمته و ذلك هو
الفوز العظيم" (غافر, الآيات 7-9). و الملائكة يثبتون العبد على العمل الصالح, و خاصة الجهاد في سبيل الله, كما قال تعالى: "إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا, سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق و اضربوا منهم كل بنان" (الأنفال, الآية 12). لا يحصي عدد الملائكة إلا الله عزّ وجل, قال تعالى: "و ما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة و ما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا, ليستيقن الذين أتوا الكتاب و يزداد الذين آمنوا إيمانا, و لا يرتاب الذين أوتوا الكتاب و المؤمنون, و ليقول الذين في قلوبهم مرض و الكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا, كذلك يضل الله من يشاء و يهدي من يشاء, و ما يعلم جنود ربك إلا هو, و ما هي إلا ذكرى للبشر" (المدثر, الآية 31). الإيـمـان بالملائكة تفصيلي و إجمالي يجب الإيـمـان بالملائكة التي وردت أسماؤهم في الكتاب أو
في السنة بالتفصيل, و من هؤلاء ما يلي: أثر الإيـمـان بالملائكة في حياة الإنسان من الآثار العظيمة للإيمان بالملائكة في حياة المؤمن:
الإيـمـان بالأنبياء و المرسلين و من أركان الإيـمـان أيضاً الإيـمـان بأنبياء الله و رسله,
و هو الإيـمـان بمن سمى الله تعالى في كتابه من رسله و أنبيائه,
و الإيـمـان بأن الله عز و جل أرسل رسلاً سواهم, و أنبياء
لا يعلم عددهم و أسـماءهم إلا الله تعالى. و قد ذُكر هذا المعنى
في القرآن الكريم في قوله تعالى: "و لقد أرسلنا رسلا من قبلك,
منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك" ( غافر, الآية
78). فهؤلاء الرسل و الأنبياء يجب الإيـمـان برسالتهم و نبوتهم تفصيلاً وإجمالاً. قال تعالى: "و ما نرسل المرسلين إلا مبشرين و منذرين, فمن آمن و أصلح فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون, و الذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" (الأنعام, الآية 48-49). و على هذا فإنه يجب علينا أن نؤمن بأن الله بعث رسله إلى الخلق لتبشيرهم و إنذارهم ولتحقيق عبادة الله عزّ وجل و إقامة دينه في الأرض و توحيده. قال تعالى: "و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت" (النحل, من الآية 36). أن نؤمن بأن كل رسول أرسله الله تعالى قد بلغ رسالته على الوجه الأكمل. و يجب علينا أن نطيع الرسل و لا نخالفهم لأن ذلك من طاعة
الله , فقد قال الله عز و جل: "و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع
بإذن الله" (النساء, الآية 64). و أن نؤمن بأنهم لا يملكون شيئا من خصائص الألوهية, و لا يملكون النفع أو الضرر, و لا يعلمون الغيب إلا ما أطلعهم الله عليه. و أن نؤمن بأن الله سبحانه و تعالى أيدهم بالمعجزات الدالة في صدقهم. و أن نؤمن بأن الله فضل بعض الرسل على بعض, لقوله عز و جل: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم كلم الله و رفع بعضهم درجات و آتينا عيسى ابن مريم البينات و أيدناه بروح القدس" (البقرة, الآية 253). الإيـمـان بـمحمد صلّى الله عليه و سلم من الإيـمـان بالأنبياء و الرسل الإيـمـان بمحمد صلّى الله عليه و سلم, و أنه لم يعبد صنما و لم يشرك بالله طرفة عين قط. و نؤمن بأنه خاتم الأنبياء, لقوله تعالى: "و لكن رسول الله و خاتم النبيين" (الأحزاب, من الآية 40) فلا نبوة بعده صلّى الله عليه و سلم, و كل من ادعاها بعده فهو كذاب. و يجب علينا أن نؤمن بأنه صلّى الله عليه و سلم إمام المتقين, و أنه وحده الجدير بالاقتداء و التأسي, و أنه حبيب الرحمن, و أنه مبعوث إلى عامة الجن و كافة الورى بالحق و الهدى, و إلى الناس جميعاً كما قال الله سبحانه و تعالى: "و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً و نذيرا" (سبأ, الآية 28). و يجب علينا أن نقدم محبته على الوالد و الولد و النفس,
كما جاء في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلّى الله عليه و سلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من
والده و ولده و الناس أجمعين" (متفق عليه). و كلمة أخيرة يجب علينا ذكرها أن الإيـمـان الصادق برسول الله يتضمن التصديق و الانقياد, التصديق بأنه رسول الله و الانقياد للشريعة التي أرسل لتبليغها, فلا يصح الإيـمـان بالتصديق فقط دون طاعة رسول الله و الامتثال لأوامره.
و معناه الإيـمـان بكل ما أخبرنا به الله عزّ وجل و رسوله
صلّى الله عليه و سلم مما يكون بعد الموت من فتنة القبر و
عذابه و نعيمه, و البعث و الحشر و الصحف و الحساب و الميزان
و الحوض و الصراط و الشفاعة و الجنة و النار, و ما أعد الله
لأهلما جميعا. و هو أحد أركان الإيـمـان. المرتبة الأولى: الإيـمـان بعلم الله القديم و أنه علم أعمال العباد قبل أن يعملوها, و الدليل على هذا قوله تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير" (الحديد, الآية 22). المرتبة الثانية: كتابة ذلك في اللوح المحفوظ, و الدليل قوله تعالى: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض, إن ذلك لفي كتاب, إن ذلك على الله يسير" (الحج, الآية 70). و الكتاب المذكور في الآية هو اللوح المحفوظ. المرتبة الثالثة: مشيئة الله النافذة و قدرته الشاملة. قال تعالى: " قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدِير" (آل عمران, الآية 29). المرتبة الرابعة: إيجاد الله لكل المخلوقات, و أنه الخالق و كل ما سواه مخلوق. قال تعالى: " ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل" (الأنعام, الآية 102). و أهل السنة في الإيـمـان بالقدر بين طائفتين غاليتين
هما: (1) المكذبين بالقدر (2) التاركين للعمل اتكالا على القدر.
1) فأما المكذبين بالقدر, المسمون بالقدرية: يزعمون أن الله يعلم بالموجودات بعد خلقها و ايجادها, و قد سـماهم رسول الله صلّى الله عليه و سلم مجوس الأمة. و منهم القدرية المتأخرة الذين يقرون بعلم الله أفعال العباد قبل وقوعها لكنهم زعموا بأن أفعال العباد واقعة منهم على وجه الاستقلال, و هذا مذهب باطل و لو أنه أخف من مذهب القدرية الأولى في بطلانه. و قد أراد القدرية بزعمهم تنـزيه الله سبحانه و تعالى, فقالوا أن الله شاء الإيـمـان للكافر و لكن الكافر هو الذي شاء الكفر, و لكنهم وقعوا فيما هو أشد من ذلك بأنهم جعلوا مشيئة الكافر تتغلب على مشيئة الله سبحانه و تعالى.
و أما أهل السنة فهم وسط بين هاتين الطائفتين الغاليتين.
فما عليه أهل الحق هو أنه يجب الإيـمـان بالقدر, و لكن لا
يجوز أن يحتج به في ترك العمل و لا أن يحتج به في مخالفة الشرع.
فالقدر عندهم يتعزى به بعد وقوع المصائب, و لا يحتج به لتبرير
الذنوب و المعاصي. مذهب أهل السنة في الأسباب و علاقته بالتوكل: إن الإيـمـان بالقدر لا ينافي الأخذ بالأسباب, فإننا مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله عزّ وجل, و الإيـمـان بأن الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله سبحانه و تعالى. و يحرم على المسلم ترك الأخذ بالأسباب. و لذلك فإن مذهب أهل السنة هو وجوب الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله, فلا نترك الأخذ بالأسباب, و لا نترك التوكل على الله و الإيـمـان بأن كل شيء إنما يحصل بمشيئة الله سبحانه و تعالى. |